مقدمة محمد مهداوي (دواية و قلم)
مقدمة الأستاذ : محمد مهداوي
يسعدنا أن نلتقي معكم أحباءنا في منشور زجلي جديد ،جذوره ضاربة في عمق التراث االجمعي ، حيث أن العنوان المنتقى : (دواية وقلم )، يجمع بين كلمتين معطوفتين متلائمتين ، لهما دلالة عميقة ، فالدواية تعني المحبرة أو وعاء الحبر كما هو وارد في معجم المعاني الجامع ، أما (قْلَمْ) فهو ما يدون به .لقد طرأ تغيير كبير على وسيلة الكتابة .في القديم الغابر كانوا يستعملون ريش النعام أو الطيور أو القصب ، وبدل الأوراق كانت تستعمل الجلود وأوراق البردي واللوح الخشبي أو القماش. أما المداد فكان طبيعيا يستخ
رج من الطبيعة ، عن طريق حرق الصوف ، أو استعمال نوع من الصباغة المستوحاة من قشور بعض الأشجار .
ديواننا (دواية وقلم) هو بمثابة الخيمة التي تجمعنا ، نتلذذ فيها بجلستنا الإبداعية رفقة مجموعة من المبدعين المتميزين ، الذين بصموا على دواوين شخصية جميلة ، أوتم تخليد أسمائهم عبر منشورات في المجلات الإلكترونية أو الورقية .هي جلسة أدبية بامتياز، تستحق التنويه والتشجيع ، خاصة وأن الجهات الوصية ، والمنابر الرسمية لم تعد تدعم الأعمال الفكرية والأدبية ، ولم تعد تولي اهتماما مناسبا لذوي القريحة الفذة ، وهذا دليل واضح على فساد الذوق و تغير مفاهيم
الجمال لدى الخاصة والعامة
ليس من السهل أن تجمع ثلة من المبدعين تحت سقف واحد ، ينتمون لمختلف الأعمار ومختلف الشرائح الإجتماعية والثقافية ، خاصة في ظل المحسوبية ،التي نخرت الجسد الثقافي المغربي ، وفي ظل التراجع المهول للدور السلبي لاتحاد كتاب المغرب.
يسعدنا كهيئة مستقلة أن نكون جزءا من هذا الجسد الثقافي المغربي ، لقد تمكنا من توضيب وطبع ما يربو عن عشر دواوين زجلية و فصيحة ، تحت راية مجلتنا الإلكترونية الرائدة نادي شعراء العرب والزجل المغربي ، برئاسة ذ.سعيد بوطرين و الإشراف العام للأستاذ محمد مهداوي ، ولقد ظهرت مجموعة من منشوراتنا في بعض المعارض الوطنية والجهوية ،علاوة على بعض القراءات النقدية في عدة مجلات إلكترونية وورقية ، يكفينا فخرا أننا سباقون لهذا التشريف الرائد ، الذي سمح لمجموعة من الأسماء المغمورة الظهور للعيان ،عبر منشوراتنا المهيكلة ، وهي فرصة كذلك للتلاقح والتواصل بين مبدعين متمرسين وآخرين ، لا زالوا يبحثون عن اسم لهم داخل الخريطة الزجلية .
من خلال قراءتي المتفحصة لديوان (دواية وقلم ) تبين لي أن الديوان يحبل بمجالات متعددة ومختلفة ، و يمكن حصر أهمها فيما يلي :
*المجال الديني :
قصائد ذات طابع ديني ، تتغنى بالحمية العقدية ،دفاعا عن الأصول أو بعض القيم والمثل الأخلاقية النبيلة .مثال: (عزيز بوالكيمة)
عمرني ما نويت نفسي كدبا......طلب التوبة وغراضها ف اللعب
غرقتيني ف الوهم زاهي بالكتبا…....أو في بحر الشعر دخلت انقلب
*المجال الوجداني:
قصائد نابعة من عمق المبدع ، نسجت بمشاعر وأحاسيس راقية ، تؤرخ لعلاقات وجدانية من صميم حكايا المبدع المشوقة ، والتي تركت فيه آثارا عميقة :(علال بن عبد القادر الجعدوني)
القلب عمر ، والعين فاضت
الخزن سكن والهموم زادت
المجال الإجتماعي :
قصائد ذات طابع اجتماعي ، تدافع عن بعض الظواهر المستشرية في المجتمع كالتدخين والخيانة والكذب :مصطفى نجي وردي
هاذا زمان لغزل
السمين يهزلو الراكب ينزل
ويلا قلت لا لا
غادي تتعزل
المجال الوعظي الإرشادي :
هو مجال إنساني ، يقدم الكثير من المواعظ والعبر والحكم عبر منسوجات زجلية ، الهدف منها تخلية المرء من الخبائث وتحليته بالمكارم ،مثال : سميرة بلفقيه
يا الغافل رد بالك عنداك يغريك
ضي الشعا ،فالما
راه زايل وما يدوم بهاه
:المجال الوطني ،القومي والإنساني
هذا المجال ينفتح على عوالم عامة ، لا تعترف بالحدود ، فالوطن خط أحمر ، والوطنية جزء من سيادة المرء وكرامته ، كما أن بعض القضايا القوية كفلسطين حاضرة ، تؤكد الغيرة القو يا فلسطين
انت قرة العين
ضحيتي بشبابك
عسى على الله يكون منك اليقين
خلاصة القول ، نؤكد أن هذا الديوان (دواية وقلم) عبارة عن حديقة غناء ، تزخر بالعديد من القصائد المميزة والدالة ، سواء على مستوى المواضيع أو المعجم اللغوي ، هذا التلاقح اللغوي ،شكل فسيفساء ، تغري العين على القراءة والمطالعة
هنيئا لنا جميعا بهذه اللمة الرائعة ، التي تحمل أكثر من دلالة ،خاصة في عهد ،أصبحت التفرقة هي العنوان البارز بركان
ليست هناك تعليقات