أخبار الموقع

مقاربات نقدية

 مقاربة نقدية لديون الحسين اللياوي "هل أنتم أنا ؟ "

يطل علينا الحسين اللياوي،الأديب الذي يمتلك أكثر من لسان،العصامي في فكره،المتفاني في إسعاد غيره،بديوان شعري،مدون باللغة العربية،بعدما صال وجال في كثير من المنابر الثقافية مستعملا لغة موليير .اختياره للغة الضاد بشكل رسمي عبر ديوانه"هل أنتم أنا ؟"، ربما يعود لأسباب ثقافية واجتماعية،وهو في حد ذاته انتصار للغة الأجداد  ورد الإعتبار للغة الضاد.

"هل أنتم أنا؟"ديوان شعري من 136 صفحة،متوسط الحجم،غلاف جذاب،يجمع بين لونين: الوردي ويميل نحو البرتقالي،تتربع عرشه صورة  امرأة تقليدية،تعكس الجانب التراثي لبلدنا،وتزين خلفية الصورة نقوش وزخرفات وأوشام تاريخية،هي تعبير عن الأصالة بكل معانيها ،مع تمازج بين الثقافتين العربية والأمازيغية،وتستقر بين دفتي ديوان شاعرنا 56قصيدة متنوعة الطول أقصرها:سورية ص (خمسة أبيات)111وأطولها:كلمات لم تغرق بعد(تسع صفحات) أما العنوان "هل أنتم أنا؟" كأول عتبة تصادفنا،فهو يستفزنا ويحيي فينا الفضول للتعرف عن كنه ما يحبل به من أفكار ومرجعيات ورموز.هو تساؤل فلسفي،يبحث عن الكينونة المحتملة ،ويسعى للبحث عن موقع قدم وسط هذا العالم الذي،تلفه الكثير من التناقضات،والذي لا زال يبحث عن هويته الحقيقية بين ذوات أخريات،هذا السؤال الاستنكاري الذي اعتمده شاعرنا هو سؤال مفتوح على مصراعيه،ودلالاته متعددة ومتشعبة،كل يراها بمنظوره الخاص.

 أما العتبة الثانية التي تتمثل في  الاهداء، فه تمثل صورة مصغرة عن محتوى الديوان،لأن الـــــــمُهدى لهم رجال "صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر  وما بدلوا تبديلا "الأحزاب 23،فالكلام موجه إلى فئة معينة،ميزها الله بنضالها ودفاعها عن الحقوق المغتصبة،وهي تسعى إلى خلق مجتمع متكافل،تسوده الحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية.

-إلى الذين يقبعون في الظل والرطوبة.

-إلى جميع المظلومين والمحرومين.

-إلى الذين فضلوا الموت غرقا عوض العيش في الذل والقهر.

إلى الشعب الفلسطيني في معاناته ونضالاته.

نلاحظ من خلال عتبة الاهداء أن الفئة المقصودة واضحة وبينة ،وأن النصوص الشعرية غالبا ما تنضوي تحت هذه اللافتة ،ولا تتعداها إلى غيرها من قصائد الرومانسية،لأن الـأمرجلل،والظرف لا يسمح بذلك.

قراءة في المتن الشعري "هل أنتم أنا؟".

على غرار الشعراء الملتزمين كمفدي زكريا وأبي القاسم الشابي ومحمود درويش وكذا إليوت في قصيدته "الأرض والخراب" التي هجت الرأسمالية وما ينتج عنها من فوارق اجتماعية،سخر الحسين اللياوي قلمه للدفاع عن المستضعفين في الأرض والانتصار للحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية في كل ركن من أركان هذا العالم الفسيح.وبالتالي نستطيع أن نصنف إبداعات شاعرنا ضمن الاتجاه الواقعي  الثوري ،الذي يتمرد على الاستكانة والخنوع بحثا عن موطئ قدم بين الديموقراطيات الحديثة. 

تأـي قصائد الشاعر الحسين اللياوي مطلة علينا من معاناة حقيقية عاشها أو عايشها بصدق والتزم بها أيما التزام،فلنستمع لسارتر حين يتحدث عن الأديب الملتزم:"إنه متواطئ مع المضطهدين إذا لم يكن الحليف الطبيعي للمضطهدين"إذن فشاعرنا تنكر لذاته ورغباته الشخصية  وتحول إلى محام مخلص ،يدافع عن فئة ما أو جماعة أو وطن ،وهو بذلك قد تَرفَّع عن الفردانية  ليذوب في الفكر الجمعي.

ما جذب نظري في هذا الديوان هوالبحث عن الذات باستمرار، وهو في العمق بحث عن الكينونة :(لم أعد أفرق بين أنتَ وأنتم – لم أعد أنا -.أنا لست ببائع – أنا فقر _أنا هشاشة أنا عملة قديمة... )سؤال عميق ومتشعب،يحمل بين طياته صفة الاستنكار ورمزية الحيرة والتيهان:

فأدركت أن "كودو"العرب

لم ولن يأتي

فتيقنت أني الوحيد أتى

نعم أنا وحدي

فهل بالفعل أتيت؟ ص12


ويبقى السؤال دوما مطروحا،لعدم استيفاء الأجوبة ولعدم تواجد عناصر الحسم الأساسية،وتستمر المعاناة مع الذات إلى ما لانهاية،باحثا عن هويته التي أبت إلا أن تندثر وسط هاته الاضطرابات النفسية والجماعية ،فالأنا هنا فرد يمتلك صفة الجماعة وكأنها عملية الحلول الصوفية:"أنا الذي لن يقول كان أبي" ص13،لا للاتكالية...لا للجلباب الأبوي،الكينونة الحقيقية هي إما أن تكون أو لا تكون،ونحس بهذا المعنى حين نستمع لقوله:

أناالحاضر

لا الماضي...

أن المستقبل

أنا الوطن ص 13

من خلال هذا المقطع القصير نلاحظ أن الشاعر انطلق من الذات ليصل إلى الجماعة،فالأنا التي تكررت عدة مرات لم تعد فردية، وإنما أصبحت جماعية: (أنا الوطن)،وليست هذه القصيدة الوحيدة التي تتغنى بالروح الجماعية  ،وإنما تلتها تعابير أخرى ،وكأني بشاعرنا يريد أن يقول:"أنا خلقت من أجلكم ...من أجل القضايا الكبرى...القلم الذي لا يحمل هموم الأمة يجب أن يُكسر..."

الشاعر المبدع الحسين اللياوي، كان يبحث من خلال هذه التقلبات المفاجئة والأحداث الساخنة عن ذاته، تلك الذات التي تمثل الهوية الحقيقية له ولغيره من أفراد جماعته. ويدعم هذا القول ما تفوه به شخصيا من خلال هذا المقطع الشعري :

شنقوا قلمي وأحرقوا كتبي

وما تكلمت

ولما أطفأوا نور بلدتي

واغتصبوا أمي وزوجتي

تكلمت...ص65-66

يمثل هذا المقطع المعبر قمة الايثار،حيث استطاع شاعرنا التخلي عن أنانيته ،من أجل الانصهار في الجماعة،فحين تُمس الذات الشمولية في كليتها،ترتفع الألسن بالتمرد والثورة وحينذاك تصبح لغة الصمت محرمة والاستسلام جريمة.وجميع اللغات تصبح غير شرعية  إلا لغة البندقية:

جدول الضرب

والقسمة

والرحيل

واقتتال الاخوة

عرفناه

حفَظناه

                    عن ظهر بندقية     ص116


معظم الأصوات تم خرس لسانها،لكن  الأصوات الحرة لا يمكن إسكاتها، بل أعلنت تواجدها بالقوة،بالتالي فمبدعنا احتفى ببعضها من خلال قصائد خاصة، احتفى بثورة الخبز 1984 والانتفاضة الفلسطينية والحركات التحررية في سوريا وليبيا ،دون أن ينسى أو يتناسى أبناء جلدته ورفقاءه في النضال والتضحية من أبناء الطحطاحة وسائر أحياء مدينته.   ولكي تصل رسائل شاعرنا لكل الشرائح الاجتماعية،سخر لقصائده لغة بسيطة ،في متناول الجميع،وعززها ببعض الألفاظ العامية،لتدعيم أفكاره وتقريب رؤاه ،وتكررت هذه التعابير في كثير من المواقع،وكان لها وقع إيجابي على النصوص.

ويمكن تقسيم هذه المقاطع العامية إلى :

مقاطع عامية عادية: -سربي يا مول البار زيد سربي _راني حارك _طوز أمريكا -السلاح منين جاك – جرناط ...

مقاطع عبارة عن شعارات:لا لا ثم لا البرلمان لحوالا –يا معشر الحراكة الحفيظ الله – سافابا ديتو وعلاش بالقهرة نموتو ...

كما تدخلت الفرنسية بشكل متقطع في بين ثنايا القصائد ،ولعل هذا راجع للتكوين الأكاديمي لشاعرنا وكذا اهتماماته اللغوية المزدوجة: ساف با ديتو –بل واختتم الشاعرديوانه بقصيدة مترجمة من الفرنسية إلى العربية من طرف الأستاذ حمويش علي.

تطعيم اللغة الفصحى بالعامية ليس عيبا وإنما اختيار استراتيجي ومعرفي،وهو ثراء للنصوص وغنى للثقافة الشخصية، ودعامة لأفكار الشاعر،خاصة ، يقول الباحث خلدون عبد اللطيف:"وفي كلا الحالتين تشكل هذه  الازدواجية مظهرا من مظاهر الهوية الفردية والجماعية على حد سواء لأي مجتمع بشري ناطق". 

التناصات أو التعالق النصي:

كثير ة هي التناصات والتقاطعات بين قصائد شاعرنا وقصائد مستوحاة من التراث،وهذا يدل على غنى وثراء النصوص ،وانفتاحها على عوالم أرحب.

استشهادات شاعرنا

النصوص المتناصة معها

تناصات مع:

جعلت وطني فوق رأسي 

منتصب القامة أمشي

درويش

نحن أبناء طارق-نحن في قارب غارق

نحن بنات طارق نمشي على النمارق

قول تحفيزي كانت تردده النساء في الجاهلية لتحريض الرجال على القتال..ورددته هند بنت عُتبة في مكة وهي تحرض على قتال المسلمين.

الجنازة من ورائكم - المرسيديس أمامكم

البحر من ورائكم والعدو أمامكم...

طارق بن زياد:يا ايها الناس البحر من ورائكم والعدو أمامكم ...

وأنا لا اعرف فن العوم ص99

لو أني أعرف أن البحر عميق جدا  ما أبحرت 

أغنية "رسالة من تحت الماء"عبد الحليم حافظ كلمات نزار قباني

يشتعلان شيبا

رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا 

قرآن سورةمريم الاية 4 

في الكهف والله كنتم نائمين غائبين

ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا

قرآن سورة الكهف الاية 25


الخبز اليابس

الخبز الحافي

محمد شكري من خلال مؤلفه الخبز الحافي

ابتسمت والدمع في عينيها 86

جلست والخوف بعينيها

أغنية عبد الحليم حافظ شعر نزار قباني- قارئة الفنجان-

أعطوني حريتي أطلقوا يدي..118

إعطني حريتي أطلق يدي

إنني أعطيت ما استبقيت شيئا

أغنية الأطلال لأم كلثوم  شعر ابراهيم ناجي

حقيقة ،لقد جذبتني الكثير من التناصات التي زانت ديوان  شاعرنا الحسين اللياوي، وهي تناصات تمثل تقاطعات فنية وأدبية مع نصوص قديمة وحداثية. والتناص حسب تودوروف هو اندماح لنصوص مقروءة مع النصوص التي تم ابداعها،ويضيف نفس الباحث قائلا:لا يوجد نص مستقل بل يظهر مندمجا مع غيره من النصوص،لكن التناص عند شاعرنا مستعمل عن وعي ودراية،والقصد منه هو إضفاء نوع من الجمالية والغنى الأدبي لنصوصه وكأنه يتشرب رأي  جوليا كريستيفا التي تقول عن العمل الأدبي بأنه:"عبارة عن لوحة فسيفسائية من الاقتباسات وكل نص هو تشرب وتحويل لنصوص أخرى".

عملية التلاعب بالحروف:

عملية التلاعب بالحروف عند شاعرنا تم استعمالها بشكل كبير ومتكرر،لخلق المتعة الجمالية لدى القراء،ولايصال الفكرة بطريقة سلسة وممتعة،ومن المفردات التي تكررت: كثيرا حلَمت / وكثيرا حلِمت / وكثيرا حلُمت ...

تسخير القواعد النحوية في الدلالة:

أحيانا يستغل الشاعر بعض القواعد النحوية ليبني عليها أفكاره،وهي تحمل حمولات وازنة وثقيلة،فالفتحة لم تعد فتحة والكسرة لم تعد كسرة والضمة لم تعد ضمة،وأدوات الصرف لم تعد تنتمي لقواميس سيبويه والفراهيدي وأبي الأسود الذؤلي ،وإنما أصبحت لها حمولات عميقة ودلالات مرتبطة بواقع آخر،مرتبطة بالخبز والقهر والمعاناة:

لكن أحلامي المشلولة

قهرا

بالفتحة فُتحت

وبالكسرة تكسرتْ 

وبالرفعة رُفعتْ ص20

إن صيغ المبالغة أصبحت صيغا للمنع والقمع والألف الممدودة أصبحت هراوة تهشم الرؤوس والشكل تحول إلى إشكال وحروف الجر أصبحت مغتصبة:

ليدوسوا في نشرة استثنائية

على كل الأسماء

وكل الحروف

مغتصبين حروف الجر والهجاء

لتصير القطعة الإملائية

                       مجرد قطعة شكلية  ص23

كما استغل شاعرنا الكثير من القصص القرآنية والأسطورية والتراثية لبناء قصائده،ونستدل في هذا المضمار استشهاده بالفاتح المغربي عقبة بن نافع الفهري الذي فتح بلاد المغرب:

امتطينا صهوة البحر وانطلقنا

كنا ثلاثون ممثلا

من سلالة عقبة النافع

على متن تيتانيك المغرب

غير النافع  ص91

نلاحظ في هذا المقطع الشعري القصير تضاد بين كلمتين :نافع وغير نافع،وتعارض بين رحلتين:رحلة المجد ورحلة الذل،شهادة الجهاد وشهادة الرغيف،والقوارب الصغيرة التي تحمل عددا قليلا من الحراكة وتيتانيك المغرب.هذه الصورة دالة على تفاقم الوضع وكثرة المغامرين نحو الفردوس المفقود...لوحة جميلة تعكس مدى تردي أوضاعنا وتغير أحوالنا من أبطال وفرسان إلى طالبي اللجوء أوالبحث عن الخبز "اليابس" كما ورد في إحدى قصائد شاعرنا الحسين اللياوي.

واختتم شاعرنا هذه الرحلة المتعبة بتناص مع خطبة طارق بن زياد الذي  قال:"البحر من وراءكم والعدو أمامكم" ،فكان الرد قاسيا ومدمرا في قول الشاعر:

البحر من ورائكم والمرسيديس أمامكم  ص91

لقد حافظ الشاعر على تركيبة الخطبة لينسج من خلالها لوحة فنية معبرة،تعكس مدى تردي الأخلاق وانحطاطها،فكل المبادئ والمواقف العظيمة ذبلت واضمحلت وحل محلها الهزيمة  والخسران المبين.

دمج السرد في الشعر:

يقول الدكتور محمد عبد الله القواسمة:"القصيدة لا تعثر على شكلها الأمثل إلا بالسرد"..

حقيقة ،إن تقنية ادماج أسلوب السرد في الشعر انتشر انتشارا كبيرا في القصيدة الحديثة،حيث ظهرت تداخلات وتناصات بين الأجناس المختلفة،إذ أصبح الشعر أقرب من القصة والقصة أقرب من الشعر،لهذا يقول رينيه ويليك :"إن التمييز بين الأنواع الأدبية لم يعد ذا أهمية في كتابات معظم كتاب عصرنا،فالحدود بينهما تُعْبَرُ باستمرار والأنواع تُخلط أوتُمزج،والقديم فيها يُترك أو يُحوَّر وتُخلَق أنواع جديدة أخرى..." مفاهيم نقدية ص376 ،وبالتالي فالنمطية القديمة لكتابة الشعر أو القصة لم تعد قائمة ومستساغة،والنسق الشعري لم يعد يعتمد على الخيال والتقريرية والانفعالية ،بل حل محلها المزاوجة بين الغنائية والدرامية والسردية ،ولقد نجح الكثير من الشعراء بعقد قران بين الشعر والسرد أو العكس،فكل ما يتغير هي الهندسة المعمارية للنص الأدبي...

ما لفت انتباهي وجذب لبي ترادف عملية القص والحكي بشكل غريب في ديوان الشاعر /السارد الحسين اللياوي ولقد خص عنوانا كاملا لهذا الشأن"نهاية حكاية"،علاوة على تكرار ألفاظ توحي بتشبث شاعرنا بلغة زالحكي مثل: وبدأت تحكي لي قصص العالم _ في الوقت الذي لا زالت فيه تكتب وتحكي ؟– قصتي مع تيتانيك المغرب غير النافع –لتطول بك الجكاية من فلسطين الشامخة إلى البيت الأبيض الناطح –حكاية دينار منبطح –كل ثقب فيه هم أو حكاية –حكاية الصياد والقبرة أسقطت العصفور ...

وبذلك تتبع شاعرنا بعض تقنيات القص مهتديا بخطى القصاصين لسرد حدث ما ،معتمدا على تدرج عملية الحكي وتواتر النغمية،وبالتالي نحس أنه مزج بين فنين متقاربين،ليقدم لنا قصائد أستطيع أن أدمجها ضمن: الشعر المحكي،والأدلة كثيرة في ديوان شاعرنا : هل أنتم أنا؟ .

ففي قصيدة "مدينتي" ص83يقول:

"تسربت إلى المدينة خلسة  ليلا وأنا عار،المدينة التي هي مدينتي مكشرة عن أنيابها في وجه المتسللين أمثالي.آه يا مدينة ! لم تعودي مدينتي رغم أن الليل والكلاب والبوليس تعرفني والعراء والجوع والظلم ومدينتي..."

نهاية الحكاية ص123 

في "جولة" ص128:

"عبر عيون الموتى ،طفت العالم ،رأيت الموتى،والعام،عالم وأموات يبكون،التقيت بالتاريخ ،هذه السيدة المرتدية الحداد،التي كنت على موعد معها ،انزوينا معا في ركن من العالم وبدأت تحكي لي قصص العالم..."ص128

"سقطت الحمامة "ص16

دمج الحوار في الشعر:

   الحوار هو نمط من أنماط التواصل،ينقسم إلى قسمين:مونولوج داخلي أوديالوج،ولقد استعمل القرآن  أسلوب الحوار في كثير من المواقع :(قصة سيدنا يوسف عليه الصلاة والسلام) والشعر العربي(امرؤ القيس و النقائض والمساجلات) واليوناني (في ملحمة كلكاميش والأوديسا وإلياذة هوميروس.

    يقول الدكتور عبد الله خضر حمد:أنسب الأساليب التي تلائم التعبير عن الأفكار في القصيدة هو الأسلوب الحواري"

ففي قصيدة"لا تمت بعدُ" حوار شيق بين الشاعر و أخيه المناضل محمد اللياوي  :

همس أخي ورفيقي

في أذني

قال:يجب أن...

قلت:ماذا؟

قال:لقد آن الأوان

أن أبلل جسدي

وأنصرف في اتجاه الموت  ص53

تكررت عملية القيل والقال بنفس الصيغة في قصيدته"آه يا كولومبوس"ص55  مما يدل على تعمد وإصرار شاعرنا على استعمال لغة الحوار كلغة للتواصل والتفاعل مع الغير،ولعل هذه التقنية من مخلفات العمل الصحفي،الذي يعتمد على التفصيل في المواضيع وخلق مساحات أرحب للتواصل والتفاعل بين المحاوِر والمحاوَر.

أسلوب التكرار: 

   يقول عبد القادر علي زروقي من الجزائر "يعد التكرار من الظواهر اللّغوية التي يتسم بها النّص الشعري، فهو يجسد سمة أسلوبية هامة، ويكاد يكون من أهم ما يمتاز به الأسلوب في شعر أي شاعر

كما"يؤدي التكرار دوراً بنائياً داخل بنية النص الشعري بوصفه يحمل وظيفة إيقاعية وتعبيرية؛ الغرض منها الإعلان عن حركة جديدة تكسر مسار القراءة التعاقبية"الدكتور عصام شرتح وهو  باحث سوري.

     اعتمد الشاعر الحسين اللياوي على تقنية التكرار بشكل مكثف، لأغراض دلالية وتعبيرية وتواصلية،حيث أصبح التدفق اللغوي والبنية الايقاعية طابعا خاصا يميز نصوص مبدعنا،والتكرار شمل الحروف و الأسماء والجمل،لكنه تضاعف بشكل لا فت في الأفعال،ربما لكونها تعبر عن عن القوة والتحدي والتمرد والثورة،علاوة على حمولاتها الفكرية والايديولوجية،حمولات تعكس جسامة الموقف وضخامة الأحداث. 

ففي قصيدته "سقطت الحمامة "ص16،تكررت الأفعال 36 مرة،33 مرة في الماضي و3 مرات في المضارع.وهذا يدل على أن الحدث الرئيس  وقع في الزمن الماضي،ويمتد نحو المستقبل،كبؤرة يطل بها شاعرنا على نوافذ معبرة على الأمل في التغيير والتحرر:

بحثت عنك

في كل مكان

وكل بؤرة

لأجد أخيرا جثتك

في معركة

في جنازة

تكرار الأفعال في قصيدته:

طوقوا كتبي

لغموا فمي

كبلوا يديّ ورجليّ

قرأت شعرا

صار طفلا

أصبح يتيما

أخرجوني من قصيدتي ليلا

أجهضوا أبياتي

نزفت كل كلماتي


كما نلاحظ تكرار حرف الجر"في"في هذا المقطع للدلالة على الدال الذي يحمل رمزية البحث عن هويته المفقودة.

كما تكرر حرف السين 25 مرة في قصيدة واحدة "قطعة شكلية"،ونحن نعلم ما للسين من   جرْس موسيقي ونغمي جد  مؤثر على أسماعنا،فترديد حرف السين يحدث صخبا كبيرا  ،وكأن الأمر جلل،والحدث لا يحتمل الانتظار،إن هذه الترددات السينية الصاخبة تشبه إلى حد ما طلقات الرصاص في شوراع وأحياء شعبية،غلب عليها الهدوء والسكون ...

فتدخل السيمي والبوليس والعسكر

بجزمتهم

بصيغة المنع

والقمع

والجمع غير السليم

غير السالم

غير المسالم  ص21

وتكرر فعل الأمر :"دع ودعهم" بصيغة الأمر  المفرد تارة والغائب أخرى تسع مرات في قصيدة"دعهم في اليمين"، ،وهو يحمل بين طياته الصيغة الاستنكارية،القريبة من لغة السخرية والتهكم،فالدعوة عكس الطلب،والمتلقي أناس لا يستحقون مخاطبتهم بخطاب لين أو يتسم بالمجاملة والأدب.

دع المذياع على اليمين

في الأمام

سيُخلفوا لنا فُتاة

سنتعشى به الليلة

وننام ص33

ويختتم خطابه التهكمي بعكس مسار القصيدة ،وتصبح الصورة مقلوبة :

دعهم في اليميم

سنذهب إلى اليسار

هذا التضاد يعبر عن خلاف فكري وإيديولوجي،وهو خطاب مباشر،لا رمزية فيه ولاغموض...

ترادف الضمائر في ديوان:هل أنتم أنا؟

من التقنيات الملفتة للنظر في ديوان شاعرنا الحسين اللياوي عملية تدافع الضمائر وتواترها في أكثر من قصيدة،ففي المتن الشعري"سجلوا"ص-14-15-13تكرر ضمير المتكلم "أنا" تكرر خمسة عشر مرة،للدلالة على الكينونة والتواجد القسري،والتأكيد على قوة الفعل وقوة الشخصية، علاوة على تواتر الجرس الموسيقي الذي تحدثه عملية التكرار:

أنا الحاضر / أنا الماضي / أنا المستقبل /أنا الوطن أن الذي نهبتموه/أنا الذي اتهمتموه /أنا الغفور/أنا الرحيم...

الخاتمة:

من الركائز المهمة التي اعتمدها شاعرنا الحسين اللياوي في نسج قصائده:

-الصدق في التعبير،لأنه عكس واقعا ملموسا،سمته التناقضات الصارخة بين مختلف فئات المجتمع.

-زج قصائد شاعرنا في خانة القصائد التوثيقية لمرحلة تاريخية محددة.

-تصوير حياة المبدع من خلال شعره وكأن الديوان سيرة ذاتية شعرية.

-اعتماد اللغة الثورية والتمردية في قصائد شاعرنا مع تقلص في استعمال الخيال.

-التركيز على لغة بسيطة تدخل ضمن السهل الممتنع.

-إدماج تقنيات مختلفة حوارية وسردية ،التكرار،الاسهاب ،التوثيق...في المتن الشعري.

-اتخاذ لغة حية وشبه مباشرة في التعبير لأن المقال لا يستوجب استعمال لغة حالمة وإنما يتوخى إيصال الفكرة بأسهل الطرق.

-التنصيص والتركيز على الأحداث والأمكنة والشخصيات في النصوص الشعرية لشاعرنا ،وهذا يقربنا أكثر من القصائد الواقعية والملموسة.

-طغيان النمط الردي (سؤال -جواب)على القصيدة.

-الاسهاب والتوسع في نسج القصائد،وقد يكون للعمل الصحفي دور مهم في هذا الشأن.

-الاطناب والتوسع وذكر التفاصيل في المتن الشعري ،وقد يكون له علاقة بالمسار الصحفي لمبدعنا.

 خلاصة القول يمكن اعتبار ديوان"هل أنتم أنا" لشاعر نا الحسين اللياوي مرجعا تسجيليا وتاريخيا لمرحلة من مراحل تاريخنا على المستوى المحلي أوالوطني،خاصة وأن الكثير من الأحداث لم تسجل في كنانيش رسمية أو سجلات تاريخية...أما من الناحية الأدبية فيمكن تصنيف هذا الديوان ضمن الدواوين الواقعية الثورية ،الداعية إلى التحرر والاستقلالية ورد الإعتبار للطبقات المهمشة،ويستمد الديوان جماليته من التعابير البسيطة،التي تسعى إلى مخاطبة جميع الفئات وعلى رأسها الفئة المهمشة،ومعظم قصائد مبدعنا تتميز بالجانب النغمي،وقد يكون له علاقة بولعة بكوكب الشرق أم كلثوم وعبد الحليم حافظ والشيخ إمام ومارسيل خليفة...

يمكن اعتبار قصائد شاعرنا الحسين الليوي استمرارا لرحلة طويلة ومضنية سطر طريقها كل من مفدي زكريا وأحمد مطر ومحمود درويش...

ختاما أقول:

وما عرفت الحسين اللياوي إلا فارسا أصيلا،صهيل فرسه لا زالت تردده أزقة الطحطاحة وبويقشار ،وصدى كلماته لا زالت تتلاعب به نسائم جبال فوغال وآلمو  وبوزعبل ...معبرة عن ولادة شاعر يأبى الظلم والعبودية...مثله مثل بني جلدته من رجالات  بني يزناسن الصناديد...

بقلم محمد مهداوي


حين يبكي القمر بقلم. الأستاذ محمد موح


كلمة حق في صاحب المجموعة القصصية " حقول العار "، الشاعر، والزجال، والقصاص، الأستاذ محمد مهداوي، أقول فيها ما يلي : 


تتبعت كل حلقات " حقول العار " وقرأتها بكل ما تتطلبه القراءة من تركيز وتدقيق، ووجدتها جد متميزة إن على مستوى الاختيار (اختيار الفكرة)، أو على مستوى الموضوع أو الأسلوب، أو في طريقة السرد والحكي، أو في كيفية خلق عنصر الإيثار والتشويق... والأخ محمد مهداوي يعلم جيدا أنني أتتبعه أيضا في كل ما يقدمه من أعمال إبداعية أخرى، وهو شرف عظيم بالنسبة إلي.


أما السر في ذلك، فلأنه صديق حميم، وجار قديم، وزميل دراسة رزين وحليم، لا تكل يده ولا تمل، وفكره دائم العطاء والبذل، ولما زاد وضاعف من جهوده خلال السنوات الأخيرة، وتفرغ إلى البحث والتنقيب والنظم والكتابة في تاريخ منطقة بني يزناسن وتراثها المدسوس في دهاليز الذاكرة الشعبية، زادت عنايتي بكتاباته، وتوطد اهتمامي باهتماماته، فوجدت فيه ذلك الشخص النادر الذي يحاول أن يزيل الغبار عن تلك الطابوهات والمعاناة التي تكبدها سكان المنطقة في فترة الاستعمار السياسي والعسكري، وخلال الفترة التي تلتها مع الاستعمار الاقتصادي والفكري الذي حمل لواءه المعمرون الانتهازيون والفيوداليون الفرنسيس، فجاءت مجموعته القصصية " حقول العار  " خير معبر ومفصح عنها.


وكأنني أراه بكتاباته يحاول إخراج الماضي الدفين إلى الوجود وجعله حاضرا حيا يرزق، ليستفيد منه الجيل الحاضر أولا، وينقله هذا بدوره ليفيد به جيل المستقبل.


لا يخفى على أحد أن الأستاذ محمد مهداوي يعمل دائما على تقاسم ثمار جهوده مع القراء بكل أريحية وجود، وبكثير من الحب والبذل والعطاء، وهذه خصلة حميدة لم آت على أكتشافها الآن، وإنما أعرفها عنه منذ زمان، لذلك ألزمت نفسي على أن أتابعه في مشواره الإبداعي، وأقدم له على قدر المستطاع كل ما يحتاجه من دعم وإمداد.


أتمنى من غور أعماقي أن ينجح في تحقيق آماله وأحلامه، ويستمر في الإبداع والتأليف، لتشريف المنطقة من الناحية الأدبية والفكرية والثقافية من جهة، ولكي لا يتوقف القارئ عن قراءته والتمتع بروعة كتاباته من جهة اخرى، وما توفيق الجميع إلا بالله.

 

- المجموعة القصصية لم تنته بعد، هي الآن في عشر حلقات منشورة بطريقة جيدة ورائعة على موقع الأستاذ Abdelhak Mehdaoui، مصدرة بهذه الكلمة على شكل تقديم، للولوج إليها يمكنك النقر على هذا الرابط :

 

#حقول_العار 


-----------------------------------


Lecture d’ELLIAOUI Lhoussine

Avec une imploration et adjuration particulières, le Zajjal Mohammed Mehdaoui nous offre un autre bouquin qui englobe des dizaines de poèmes où c’est un autre Mehdaoui , un  immémorial qui se propage et s’infiltre dans un passé lointain qu’on ne peut prestigieux et nostalgique où Mehdaoui implore avec ténacité qu’on le laisse rêver. Dans ce rêve c’est Mr Bouh qui réveille en nous la perspective de l’auteur à travers une préambule réussie où il met à nu l’opportunité et l’utilité d’un rêve qui ne se boucle pas, un rêve amplifié sur une centaine de pages dans un ouvrage garni d’un vécu lointain recouvert et accoutré d’une sincérité et originalité  qui s’agrippent encore avec fierté dans nos mémoires et regrettant l’oubli ayant touché d’autres traditions gâchées par malheur.

Mehdaoui rêve et nous avec. Nous rêvons donc d’un passé glorieux qui reliait et unissait avec fierté et orgueil  les familles et les tribus. Une époque où le mutualisme et la simplicité régnaient sous le signe de justice et d’égalité.

Pour réaliser ce rêve Mehdaoui fait recours à une médiation où, pour faire entendre la voix de la sagesse, il retentit ses mots à l’aide d’une cloche touchant surtout les démunis . Son discours tout comme dans son ouvrage « Lebbardi w Lferdi » est en quelque sorte un message écrit et symbolisé avec adresse et souplesse, ceci nous attire vraiment et nous retient, nous incitant remarquablement à rêver tout comme l’auteur dans ce fabuleux travail qui mérite vraiment d’avoir une place confortable dans notre bibliothèque.  Un livre de 100 pages dont le prix pour rêver (s’il vous plait) est seulement  de 20 Dhs. c’est presque gratuit pour faire de beaux rêves non ? .

Laissez-moi rêver

Du figuier  et du canoun

De l’entraide

Et du bon de famine

De « saff » cette danse populaire

où on est en ligne

Et du haik

à Beni Ameur et Béni Mimoun

laissez-moi rêver une seule journée

dépourvu  du téléphone

pour me permettre de voler

comme un oiseau dans le ciel

pour me remémorer  de mes grands parents

vivre loisiblement au moins une minute

tirer en l’air le baroud

au rythme de la sbayssia et a3raychia

.et advienne qui pourra



دونكم قراءة متواضعة لواقع مزري يرويه لنا القاص و الزجال محمد مهداوي من خلال كتابه " حينما يبكي القمر"

« Quand la lune gémit »

Par Mohammed MEHDAOUI

Lecture de Lhoussine ELLIAOUI

J’ai le plaisir de présenter au public le recueil de nouvelles de son auteur Mohammed MEHDAOUI intitulé « quand la lune gémit » où tout un champ de déshonneur ensemencé de désarroi, d’esclavage et autres atrocités, est mis à nu le long de 86 pages à traves une dizaine de nouvelles rédigées avec une adresse et souplesse remarquable facile à saisir.

En effet, dès le lever de rideau, l’auteur localise d’abord la contrée où se sont serpenté des événements basés sur des faits réels que Mehdaoui essaye de nous conter dans son originalité avec tous les détails sollicités avec un style remarquable et épatant.

En effet, c’est dans une ferme située à cinq kilomètres de la ville de Berkane que toute une flotte variée des deux sexes, enfants, jeunes et vieillards par-dessus bord accomplissent un travail dur, cueillir du jasmin depuis l’aube jusqu’au coucher du soleil, sous des alias climatiques cruels et tortionnaires qui ne pardonnent pas et ce contre une somme d’argent modique et infime .

J’ai beau essayer de raconter ses événements abominables sous forme de nouvelles touchant une époque difficile et laborieuse et épineuse de l’histoire ancienne de la ville de Berkane, Mehdaoui souligne avant de nous gratifier de son livre, ou plus tôt avant de faire gémir la lune, il s’est posé d’innombrables questions cernant cette amertume, supplice et chagrins qu’une masse laborieuse a vécu  en travaillant durement et atrocement dans ces immenses prairies de jasmin. Faut-il citer les noms de ces gens-là qui sont encore vivants se lamente l’auteur alors qu’il n’a pas travaillé à leurs côtés.. Et encore des tas d’autres questions ont secoué l’aimable Mehdaoui avant de cracher le morceau et nous faire revivre ces aventures basés sur des faits réels ayant eu lieu sous une lune qui gémit et récrimine dans les champs du déshonneur à Berkane.

C’est Mr Mohammed Mouh, un intellectuel de Paris qui a l’honneur de marquer sa présence par un avant- propos superbe minutieusement étalé.

Les Intellectuels Abouchiar Abdelaziz , Abderrahim Bouazzaoui et Mustapha Ouardi Naji ont été remercié par l’auteur pour leur soutien.

Lorsque la lune gémit, il faut vraiment l’écouter à travers ce livre qu’il faut lire absolument pour tout simplement partager et revivre les soupirs d’antan d’une masse laborieuse dans les fermes du déshonneur à Berkane..

Bonne lecture alors.





: للدخول إلى القناة في الفيديو الرجو الضغط على الصورة التالية 








ليست هناك تعليقات