أخبار الموقع

 

المقامة المسرحية

حدثني زعيم المسرح المغربي عبد الكريم برشيد عن المسرح فقال:

المسرح أبو الفنون، والكلام عنه ذو شجون، قديم قدم الزمان، يعجز الكلام عنه باللسان، ومن يشكك في أصوله وعراقته فليسأل اليونان والرومان. أثينا موطن الجمال، التراجيديا والكوميديا خير مثال، المسارح الدائرية والمستطيلة فضاء للارتجال والاحتفال.

سألته عن المسرح الاحتفالي ؟!

أجابني رأفة بحالي:

المسرح الاحتفالي  يستلهم أدواته من التمثلات التراثية، وينهل من الحكايات الشعبية، يسعى إلى خلق تواصلات عفوية، بكثير من الترفيه والتسلية، ويجمع بين الماضي التليد وكل ما هوجديد: امرؤ القيس في باريس وابن الرومي في مدن الصفيح و عنترة في المرايا المكسرة

لقد أقنعني عبد الكريم برشيد، وثمنت كلامه السديد، …غادرته وتمنيت له العمر المديد، وبكيت على تاريخ المسرح العربي، وتمنيت رجوع الجيل الذهبي، سعد الله ونوس، كله حكم ودروس، مارون النقاش الجميل، صاحب مسرحية البخيل، والطيب الصديقي مؤسس المسرح الميداني، وصاحب مسرحية بديع الزمان الهمذاني، دون أن ننسى أحمد الطيب لعلج عاشق موليير وشكسبير، ممثلنا في المسرح العربي، وللمغاربة وخير سفير

أيامها كان المسرح يربي النفوس، يهذب السلوكات ويملأ الرؤوس، والمواضيع كلها عبر ودروس، أما اليوم فقد كثرت الفؤوس، نقد وهدم وصراع مثل قراع التيوس، الكوميديا أصبحت مسخرة والتراجيديا ضاعت بين القرطاس والمحبرة

أغلقت دور السينما وصفقت أبواب المسارح، واسود الركح و اغتيلت القرائح، فتحولت القاعات إلى صالات أعراس، يحوم حولها حراس، ينشدون المال والماس، وبين هذا وذاك ضاع الاحساس، انطفأ النبراس، وضاعت الأغراس

كم من مسرحي مات فقيرا، لا دواء ولا عشيرا، مات موتة الكلاب، وغاب فجأة  مثل السراب، بعد أن ذاق من هموم الدنيا أشد العذاب

رحم الله المسرح والمسرحيين


بقلم محمد مهداوي

 

 

 

 

ليست هناك تعليقات