أخبار الموقع

حوارات أدبية

 مجلة روائع الشعر الأدبية تستضيف الأديب محمد مهداوي في حوار أدبي 


تلمعُ في عوالمِ الأدبِ أسماءٌ تخطّ أمجاداً تبقى على مدى الأزمان ذكرها .. تنتشي الذائقة الأدبية بمكوثها بين حروفهم ، و ترتقي معهم الرؤية الأدبية و الشعرية .. في فقرتنا الأسبوعية : لقاء العمالقة إعداد و تقديم الأديب : أ.منصور رسلان نلتقي مع علمٍ من أعلام الأدب و قامة أدبية مرموقة تشهد لها الأوساط بالإبداع مع الأديب الاستاذ محمد مهدواي ننهل من نهر علمه و نستمتع بالمكوث معه ضمن حوار راقٍ برفقة أعضاء مجلس الإدارة الموقرين و أعضاء مملكتنا الحبيبة . مع تحيات الادارة رئيس مجلس الادارة الاستاذ منصور رسلان بالتأكيد شاعرنا الرائع غني عن التعريف ولكن نود انا والساده المتابعين معنا معرفة اكثر من هو الشاعر والاديب الكبير ابن المغرب الجميل الاستاذ | محمد مهداوي ؟ السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته من جبال الأطلس الشامخة إلى أهرامات مصر العظيمة ، أبعث تحياتي وتشكراتي لكل أصدقائنا وأحبابنا في بلد السلم والسلام ، مصر أم الدنيا… كما أود تقديم تهانينا لمجلتنا الراقية والجميلة مملكة روائع الشعر الأدبية و على رأسها خبير الحوارات الدكتور منصور رسلان وكل القائمين على هذه المجلة المميزة . جوابا على سؤالكم …. محمد مهداوي أستاذ اللغة العربية ،حاصل على شهادة الإجازة الجامعية بجامعة محمد الأول بوجدة ،شعبة اللغة العربية وآدابها مزداد بمدينة أبركان 1962، له منشورات عدة في مجلات وطنية وعربية ،سواء ورقية أو الكترونية ، ترأست وسيرت عدة مجلات الكترونية : مجلة الزجل المغربي الأصيل (رئيس المجلة سابقا) ولا زلت مشرفا عاما لمجلة (نادي شعراء العرب والزجل المغربي ) ، تكلفنا بتنقيح وتوضيب وطبع 10دواوين مشتركة فصيح وعامية ،وتشرفت بالتقديم لهم ،علاوة على قراءتي النقدية اكل ديوان على حدى . طبعت ديوانين زجليين الأول :لباردي والفردي والثاني:خليوني نحلم ، وسأعمل على طبع ديوان شعري بالفصحى علاوة على مجموعة قصصية :حقول العار ، ولي مشاريع أدبية أخرى سأعلن عليها في الوقت المناسب. لو تطرقنا الى بدايتك الفعلية في مجال الشعر والادب ماذا يقول اديب العرب الكبير ؟ بدايتي الحقيقية كانت عبارة عن خربشات في الإبتدائي ، وتواصلت في التعليم الإعدادي والثانوي محتشمة ، لظروف النشر الصعبة و عوامل أخرى مرتبطة بهامش الحريات آنذاك ، وأقصد فترة السبعينات والثمانينات...لكن حين تطورت عوالم التكنولوجبا ، تطورت عقلياتنا أيضا ولم نقف متوارين وراء دفتي الكتب ،بل ولجنا عالم النشر الإفتراضي ، وحاولنا فرض اسمنا وخصائص اتجاهنا ،في عالم يعج بالأدباء والمفكرين...والحمد لله كسبنا الرهان واا زلنا نجتهد لنرتقي....ولا نحس أبدا أننا وصلنا قمة الجبل...بل لا زلنا في السفح نبحث عن وسيلة ناجعة للرقي نحو الأعلى . كيف نصقل القلم ليبقى راسخا على قواعد ادبيه ثابته ومن أي منطق يبدا الكاتب المبتدئ ؟؟ لكل بناية أساسها ،الذي يحملها ويشد توازنها ، ولا بد أن نبدأ بأصول الأشياء، فإن كان البناء يحتاج للأساس والاسمنت والحديد والأجور وغيره ،فإن المبتدئ لكي لا يكون بيت إبداعاته أوهن البيوت ،عليه بالتزود من أصول اللغة وميكانيزماتها،كالنحو والعروض والبلاغة ...علاوة على اطلاعه على أمهات المصادر و حفظ الكثير من الأشعار والتعرف على العديد من المدارس الأدبية ، أعتقد أن الهواية لاتكفي ...العجاب بالشيء لا يعني دوما أننا نحبه ، الكثير من الناس تعجبهم أشجار معينة لجمالها،لكن لا يأكلون ثمارها… أعتقد أن المبدع المبدئ يجب عليه توسيع مداركه أولا والإصغاء لشيوخه ،الذين سبقوه في الميدان ، ولا يتعجل الوصول للقمة...كلما تواضع ازداد سموا. هل هناك وقت محددا تكتب فيه ام حسب ما يأتيك وحى الالهام في أي وقت تمسك القلم شاعرنا الكبير؟ لن أ خفيكم سرا أصدقائي إن أعربت لكم عن دواخلي ، فأنا لا أعلم متى أكتب وأين أكتب ومتى أكتب ….هذه كلها أسئلة لو طرحتها بنفسي على ذاتي سألقى نفس الإجابة… الشاعر أو الزجال عندنا في المغرب يوصف بالمجذوب...ولعل أكبر مجادبة المغرب على مر التاريخ هو عبد الرحمان المجدوب...لذا أؤكد لكم أن الكتابة هي التي تأسرني وتقديني وتفرض علي النهوض ليلا لتدوين عبارة ما ...كما يمكنها إيقافي وأنا في سيارتي من أجل تدوين بيت شعري أوكتابة فكرة ما ،أعظم الأفكار هي التي لا تدق بابك وتستأذنك في الدخول...بل أعظمها من تقتحم عالمك الداخلي وتلج إليه دون استأذان ….الكتابة هي نوع من اللاوعي الداخلي ، ليس له زمان ولا مكان للخروج إلى عالم البوح والتدوين. ما هي النظرة الاولى التي تلقيها على النص وما هي العين التي تراي بها العمل ؟ سؤل جميل جدا منكم د.منصور رسلان … حين أنهي نصا إبداعيا ما ، أتركه يختمر في ركن من أركان ذكرتي ، أو في معزل ورقي ما ، وفي كل مرة أرجع إليه أراه لنظرة أخرى ، أتفحصه وأقلبه على جميع وجوهه ، حتى تكتمل ولادته ، فالجنين إن تركت مشيمته سيختنق ...وإن لم تقوم عظامه ستنكسر….النص الأدلي ليس معطى نهائي ،ليس قرآنا منزلا….لذا يحتمل التشذيب في كل مرة ،حتى يثمر رطبا حلوة وجميلة.... أعتقد أن جمبع نصوصي تحتاج مني إلى زيارة ….فقد لا يكتمل بناؤها ، خاصة وأنني أسعى دوما نحو الجمال…والجمال فد تتغير مقاييسه من مكان إلى مكان ومن زمان لزمان آخر…. الي أي فئه يميل الاديب الكبير بالكتابة الحب ام الهجر اكثر ؟ حقيقة أنا أكتب في جمبع المواضيع ، حبا وعسقا وهجرا ولوعة ...مواضيعي ليست كلها وجدانية وإنما أغلبها ذات طابع اجتماعي ، وإن كانت عاطفة الحب تتملكني أكثر ، لأن فكري كوني يسعى دوما للتعبير عن السلم والسلام والحب والوئام … كما أنني ميال للتراث أكثر ،إذ يخرت له ديواني الأول ، باحثا عن النبع الثافي ...نبع الأجداج...حيث الصفاء والجمال والصدق …. هل احساس المراءة اقوي من احساس الرجل في التعبير الشعري؟ لا أعتقد أبدا أن الأحاسيس تقاس بالذكورة والأنوثة ، فأعظم شعراء الغزل ذكور ...والعكس صحيح إن أعظم من أبدع في الغناء عن الحب إناث… القلوب التي تملك أكبلا نسبة من الإنسانية هي التي تصل بسرعة لقلوب محبيها….لو استمعت لمرثية الخنساء على ابنها صخر لقلت أن أعظم المحبين امرأة وإن استمعت لبدر شاكر السياب لقلت أن أعظم شعراء الوجدان ذكر…. لذا أعتقد أن الإحساس هبة من الله سبحانه وتعالى يلهم بها عباده ، وه يسخرها في أموره الشخصية والوجدانية ...قج يفلح تارة وفد لا يفلح…. بعد عودة زمن الإرهاب والفكر التكفيري وتحكم حضارات التسلط والمال والسلطة المتوحشة. ماذا تراه ينفع الادب والشعر والخواطر مع هذا الفكر الظلامي. كي نحمي اجيالنا. ؟. حقيقة تختلط الحابل والنابل في عصرنا الحالي ،وأصبحنا نخاف على أبنائنا من الأفكار عودة زمن الإرهاب والفكر التكفيري وتحكم حضارات التسلط والمال والسلطة المتوحشة. ماذا تراه ينفع الادب والشعر والخواطر مع هذا الفكر الظلامي. كي نحمي اجيالنا. ؟. حقيقة تختلط الحابل والنابل في عصرنا الحالي ،وأصبحنا نخاف على أبنائنا من الأفكار الهدامة والتعصب البغيض ، لذا نحن أمام ملاحلة تاربخي حرجة ...بجب أن تتكاثف الجهود ، بين رحال التعليم والصحافة والأدباء ورجال الدين من أجل خلق إنسان متعايش مع الجميع ، مسالم ،يحب العير لحميع بني البشر… المرة في ملعب الجميع سياسيبن وعلماء وأدباء وآباء ...لا نعفي أحدا من هؤلاء ...الكل يتدخل من واقع مسؤوليته. هل برأيكم الأدب والرواية والشعر وكل الفنون يمكنه آن يصنع السلام ..بعد محاولة تدمير الرسالات .وعودة الاستعمار باسم الربيع المزيف. ؟ أعتفد أن الأدب الراقي هو دوما يحمل بين يديه غصن زيتون وفي اليد الأخرى حمامة سلام ...الأدب الذي يدعو للحروب وبث الانشقاقات بين الإخوة أدب موجه ، والأدب الذي يحمل بين دفتيه عصا أوكلاشينكوف ليس أدبا...إلا فب استثناءات كأدب المقاومة ،الذي يدافع عن حباض البلد وكرامته … سئل أحد المفكرين : إلى أي نوع من الشعر تنتمي ….فصيح...تفعيلي...نثري...فقال : أنا أنتمي حيث يوجد الإحساس… حقيقة جربت كل الأشكال ، وأينما وضعت رجلاي أحس بالمتعة ،متعة الكلمة الجميلة والتعابير الجياشة ...خاصة وأن لي قراء يتمتعون أحيانا بنثرياتي وآخرين تجلبهم قصائدي القديمة أو التفعيلية الحرة ...أبحث فقط عن الجمال ولو كسرت بعض القواعد و دمرت بعض التقاليد ...الجمال إحساس...لا بحتاج لقيود… بريك ..هل هناك أزمة فكر..ومناخ..وعادات..وتقاليد. موروثه ..أو مستجده. جعلت من الكتابة في الحب تتأرجح بين الكذب والصدق .؟ أعتقد أن الأدب لا يجب تقييده بالمفهوم الأخلاقي المحض ، وإنما يجب أن نترك له فسحه للتخيل والغوص في العالم الحالم دون قبود...صدق القول بكون أمور ذات طابع أخلاقي وديني أم التعبير عن الإحساسات فقد تقبل الكذب أو الصدق ،ولكن تبقى مع ذلك في خانة الجمال الأدبي … الكتابة الوجدانية تعبير عن أحاسيس جميلة بطرق تختلف من شخص لآخر...والأكثر إبداعا هو الأكثر صدقا…. هل الشعر في زمنه الربيعي أوفي زمن اليباس .??. وما هي كيفية أنقاذ المسيرة الشعرية والأدبية وإنعاشها. أو تطويرها. من وجه نظر حضرتك ؟ أعتقد أن الشعر بخير والحمد لله ، رغم أننا لم نعد نمتلك قامات وأهرامات إبداعية مبيرة مثلما هو الشأن في مختلف العصور الأدبية...لا يمكن أن نستعيد زهيربن ابي سلمى ولا البحتري ولا ابا فراس الحمداني ولا شوقي ولا دروبش ولا بدر شاكر السياب….لكل عصر رجالاته ، كما أن أنماطا جدبدة من الإبداع ،تعتمد على الصوت والصورة ،ظهرت مؤخرا ، كسبت ريادتها وهي تحاول أن ترتقي بالقصيدة ،من جمبع نواحبها المعجمية والصوتية والإيحائية ، ولقج وقع تغير كبير في القصيد ولم نعد نسمع عن المعلقات الفارعة الطول...مثلما لم نعد نسمع أغان طويلة ومرهقة ... يقول أحد المفكرين :في غالب الأحيان يسقط القارئ أمام مصطلح "الشعر المحكي" ويقوده مخزونه المعرفي إلى أنه هو ذاته " الشعر الشعبي " طبعاً لا ننكر أن التقارب بين كلا المفهومين واضح و الأهم أن "الشعر المحكي" هو تطور للشعر الشعبي . أما الزجل فأول ما ظهر كان في الأندلس وتوسع في لبنان وسوريا و اليمن...ويغنى له هجيل الحمام ، وهو صوتي و القائي ،تحبه العامة وتقدره ولقد انتشر بينهم كثيرا حتى كادهأن يتفوق على الشعر. لماذا حتى يومنا هذا. لم نجد طريقه واحده في كتابة اللهجة العامية من حيث تركيب الكلام والجمل؟ الكتابة بالعامية مشكلة جهوية وإقليمية ، لذا أعتقد أن اللهجات ليس لها الدور الفعال لخلق شريحة واسعة من المتتبعين في العالم العربي الكبير ، رغم أن قوة العامية بدأت تنتشر بشكل كثيف وكبير في جميع بقاع العالم العربي . أكبر اللهجات التي عرفت انتشارا واسعا لدى الناس في ربوع وطننا الواسع ، هي الاهحة المصلاية ،لما لها من ضغط وقوة ، اكتسبته عن طريق الفنون الدرامية ...لا أعتقد حاليا ، على الأقل على المستوى القريب أن هناك نيات لخلق اهجة موحدة ، لتعصب البعض للهجته وعدم وجود النيات الصادقة والسياسات الفكرية المتقاربة…. كلمة - نصيحه -توجية -للمملكة روائع الشعر الادبية بكل صراحه ووضوح ولا تخاف لن نغضب منك ابدا؟ في ختام هذا الحوار الراقي ،أقدم تشكراتي الحارة لكل من تابعنا عن قرب ، ولكل من شاركنا هذه المتعة الأدبية… وتحية خاصة جدا للصديق العزيز الدكتور منصور رسلان ...وكافة طاقم مجلتنا الراقية ،التي تربينا في حضرها...ممملكتنا التي لا نحيد عنها أبدا...قد نغيب عنها ولكن 
لا نقدر على فراقها. منقول.






قراءة نقدية لذكريات على نهر الامستل...للقاصة نجاة تقني


كثيرة هي الأسئلة التي تطرح نفسها على القارئ المتمحص وهو يتصفح النص السردي “ذكريات على ضفاف نهر الأمستل”، وهي أسئلة مشروعة ومنطقية، الهدف منها خلق تصنيف ملائم لهذا النص السردي.
هل هذا النص السردي، الذي نحن بصدد معالجته، يدخل ضمن فن القصة، القصة الطويلة أو يتعداها ليلج عالم الرواية القصيرة؟
لكي نكون قريبين من معرفة المفاهيم وتدقيقها بشكل علمي، يجب الوقوف على هذه الأصناف الثلاثة بشكل دقيق، لمعرفة ماهيتها وحمولاتها، والخروج باستخلاص إيجابي بين وواضح نستند عليه:
خصوصيات القصة:
من خصوصيات القصة عند أغلب الدارسين: التكثيف، النأي عن التفاصيل، بساطة الحدث، الحجم المتوسط، نوعية خاصة من الأبطال، وصف موجز، حبكة واحدة، يمكن قراءتها دفعة واحدة، وقد يصل عدد صفحاتها إلى المائة 100، قد تربو أو تنقص عن هذا العدد بقليل…
خصوصية الرواية:
أما الرواية فقد تتميز بالطول والتوسع والاطناب في الحكي أو الوصف أو المتخيل. تتناول الرواية عدة حبكات فرعية علاوة على الحبكة الرئيسة وقد تتعدى صفحاتها 50.000 كلمة كما تتميز الرواية بتعدد الأحداث، وقد تقسم إلى فصول، عدد غير محدد من الشخصيات الرئيسية والثانوية…
الرواية القصيرة:
لقد حدد الدكتور أبوالمعاطي خيري الرمادي في كتابه “الرواية المصرية القصيرة في الربع الأخير من القرن العشرين” قواعد الرواية القصيرة بكونها: ذات “حجم متوسط، إستهلال ذو طبيعة خاصة، لغة مكثفة. ازدواجية الدلالة، نوعية خاصة من الأبطال، حدث مركزي واحد، وجهة نظر خاصة للواقع، وصف موجز، مكان وزمان لهما طبيعة خاصة، ملمح السخرية، إثارة الأسئلة”.
يضيف الناقد السوري بأنه “من المتعارف عليه بين النقاد والدارسين عن الرواية القصيرة، أنها هي التي تغلب عليها تقنية الرواية، بلا تقاصيل دقيقة زائدة، مما يجعلها سريعة الإيقاع. وفي الوقت نفسه فيها تقنية القصة الطويلة، واشتملت على خصائصها أيضا”.
تصنيف العمل السردي “ذكريات عبى ضفاف نهر الأمستل” لقاصتنا نجاة تقني:
يحدد الأنباري حجم الرواية القصيرة بقوله “هو الذي لا يمكن النظر إليه على أنه حجم لقصة قصيرة، ولا يمكن النظر إليه على أنه حجم لرواية طويلة”.
من خلال هذا التعريف والمحددات ومن خلال قراءتي المتواضعة، يحق لي تصنيف النصوص السردية “ذكريات على ضفاف نهر الأمستل” لقاصتنا نجاة تقني ضمن الرواية القصيرة، التي برع فيها الإيطاليون novella وأطلقوا عليها: short novel واشتق اسمها من الكلمة الإيطالية نوبيلا وتعني الجديد، يقول أحد الباحثين “الرواية القصيرة وأقصر من الرواية وتتراوح صفحاتها من 50 – 100 صفحة”، وظهرت في إيطاليا أول مرة في منتصف القرن الثامن عشر. وبعد قرون انتشرت في العالم الرواية القصيرة، فازدهرت خاصة في ألمانيا وعرفت باسم نوفيلي، ومن الكتّاب الألمان الذين برعوا في الرواية القصيرة انتي فريت – كارل سبيتلر- كافاكا – هوبفامن – توماس مان. ومن الروايات التي تم تصنيفها كروايات قصيرة يمكننا الاستدلال بالنماذج التالية:
– التحولات لكافاكا
– مزرعة الحيوان لجورج أورويل
– قلب الظلام لكونراد
– الشيخ والبحر لهمنجواي
– الموت في البندقية توماس مانس
– يوميات من تحت الأرض ديستوفسكي
ولقد برزت نماذج من الروايات القصيرة في العالم العربي عند يحيى حقي “قنديل أم هاشم” وسار مساره العديد من الكتاب العرب أمثال نجيب محفوظ، وسليمان فياض ويوسف إدريس.
وأعتقد، بعد كل هذه التوضيحات يحق لي تصنيف “ذكريات على ضفاف نهر الأمستل” ضمن الرواية القصيرة، أو القصة الطويلة كما عبر عنها بعض الكتاب في رؤى مختلفة…
مسار الحكي عند مبدعتنا نجاة تقني:
استعملت الأستاذة نجاة تقني مسارا بسيطا وعموديا في سرد حكايتها، بعيدا عن كل تعقيد، معتمدة على اتباع مسار واضح، يركز بشكل لافت على بعض التقنيات السردية المهمة:
الحبكة الرئيسية:
تركت قاصتنا الأحداث تنساب بشكل عفوي، ويظهر ذلك جليا من خلال التركيز على بؤرة الحكاية، التي تمثل النواة الجوهرية للنص السردي وتتمثل في بوثقة الصراع، الذي يتأرجح بين الشد والجذب (آدم، ياسمين، و إيڤا نموذجا)، وهو صراع إثبات الكينونة ومحاولة الانتصار للشرعية.
الحبكة الفرعية:
تمثلها الشخصيات الثانوية التالية: مصطفى وزوجته أمينة، خالد وزوجته فاطمة، وباسم
وإيڤا، ويمكن اعتبار تدخلاتهم بمثابة لوحات فنية جمالية، تخدم النص الرئيسي وتدعم مساره الحكائي.
النص السردي عند مبدعتنا نجاة تقني، فسحة ذهنية ومتعة رومانسية، يتميز بالإثارة والتشويق، علاوة على الفسحة المكانية، المتمثلة في وصف وتحديد الكثير من الأمكنة الدالة على أكثر من “رمز”.
يتميز النص المحكي “ذكريات على ضفاف نهر الأمستل” للقاصة نجاة تقني بمميزات تقنية وفنية، يمكننا تسطيرها في الخطوط العريضة التالية:
– تسلسلٌ في الحكي بشكل عفوي.
– ترابط متين بين حل الشخصيات، سواء الرئيسية أو الثانوية.
– اتباع مسار رئيسي دون المس بباقي المسارات الفرعية.
– انسجام الحبكة الرئيسية من استهلال وعقدة وحل.
– احترام قواعد السرد من استهلال وعقدة وحل.
الاحتفاء برمزية المكان:
يقول أحد الباحثين:
“المكان في اعتقادي هو الوعاء الذي تدور فيه الأحداث وتتحرك فيه الشخصيات لتكشف لنا حركة الزمان والتغير الذي يطرأ على الأشياء والناس”.
كيفما كان الحال، الأمكنة عند ساردتنا، ليست فضلة، وإنما تم اختيارها بدقة متناهية، وهي متواجدة كلها على أرضية الواقع: أمستردام، روتردام، القندق ماين بورت ديزاين، المطعم التركي، نهر الأمستل، نهر الراين… أماكن كانت جامدة وباردة برودة مناخ أمتسردام، فأضفت القاصة عليها الكثير من الدفء العاطفي، وكأن القاصة تخبرنا أن القصص العاطفية، لا يمكن أن تنمو إلا على ضفاف نهر الأمستل، ربما لجمالية المكان ورومنسيته، أو بتواجد عناصر أخرى مثيرة ومؤثرة، تساهم في خلق أجواء مشحونة بالعواطف الجياشة، ولقد أفلحت قاصتنا في اختيار المكان وتحويله من مكان مجرد إلى مكان حي ينبض بالحياة…
كما يمكن اعتبار المكان رمزا وايحاء، يحمل حمولات وشحنات نفسية ووجدانية عميقة، تتفاعل على ضفافه الكثير من الأحداث، ذات الطابع الوجداني (آدم وياسمين) أو الإنساني (قصة الطفلة التي سقطت من دراجتها) أو التعايشي (المغاربة والأتراك والهولنديين والأقليات الأخرى)، أو التضامني (العجوزان الحبيبان).
الاحتفاء برمزية الزمان:
يقول أحد الباحثين:
“الزمن شيء يصعب الإمساك به، تدركه عقولنا ولا نستطيع إدراكه بحواسنا”.
الزمان إذن عند مبدعتنا ليس زمانا سانكورنيا ولا دياكرونيا، إنه زمن متداخل، تتشعب فيه الحكاية، وتتقمص لغة الزمن المتحرك، حيث الأمكنة، بخصوصياتها، تتطلب أزمنة معينة ملائمة مع الأمكنة المقترحة. كما يمكن أن يتداخل زمن الحكاية مع زمن الحكي، أحيانا لا يمكن للحكاية السير بشكل خطي، نظرا لتزامن زمن الحكي وتعدد الخطابات.
يقول تودوروف: “يطرح مشكل تقديم الزمن داخل الحكي بسبب الاختلاف بين زمانية الحكاية وزمانية الخطاب. فزمن الخطاب هو، بمعنى من المعاني، زمن خطي، في حين أن زمن الحكاية هو زمن متعدد الأبعاد، ففي الحكاية يمكن لأحداث متعددة أن تجري في نفس الوقت، لكن الخطاب مجبر على وضعها بشكل متتابع، كمحاولة إسقاط شكل هندسي معقد على خط مستقيم”.
الساردة وهي تحكي حكايتها كانت تتبع تسلسلا منطقيا، لتنظيم أحداثها في الزمان والمكان المناسبين، وحسب أهمية كل حدث على حدة، مستهدية بالتتابع المنطقي، لأن زمن الحكاية قد يستغرق سنوات عدة في حين زمن الحكي قد يستغرق دقيقة واحدة، يعبر عنها الكاتب بجملة أو جملتين…
وأعتقد أن سلطة الأبطال الرئيسيين كانت حاضرة، من أجل مسار منطقي معقول، لتسجل الشخصيات الثانوية والأحداث الهامشية بعد ذلك، حضورا ثانويا، دون أن يكسر تراتيب زمن الحكي..
الاحتفاء بالتراث في “ذكريات على ضفاف نهر الأمستل”:
علاوة على احتفاء مبدعتنا بالكثير من الأمور في سرديتها، كالاحتفاء ببعض التقاليد والعادات (الشيشة، الجلسات العائلية، جلسات الشاي التقليدية…) والعادات المطبخية (البسطيلة باسمك، الطاجين باللحم والبرقوق واللوز، الشاي التركي، البقلاوة والقشدة التركية، أكلة السوشي، والشاي المغربي). علاوة على الكثير من التراثيات المغربية والتركية على وجه الخصوص.
كيفية تسيير الشخصيات:
كثير من الناس يعتبر شخصيات القصة أو الرواية عبارة عن شخصيات كرتونية، يتحكم فيها المبدع بطريقته الخاصة، ولايستطيع اصطباغها بذاتيته أو إسماع صوت ضميره، لكن الحقيقة غير ذلك، إن السارد كثيرا ما يختفي وراء جلباب شخصية ما، وغالبا ما يفضل الشخصية المحبة للخير، أو الدالة عليه، وبذلك نحس أن مبدعتنا، بحكم تقاليدها أو أعرافها ويقضة ضميرها، تسعى لأن تكون فاعلة خير، حاملة لأغصان الزيتون تارة وداعية للسلم والسلام أخرى..
خلاصة القول أن مبدعتنا تحاول ألا تظهر بشكل مباشر وأنما تبعث برسائلها خفية وضمنية ودون إحداث أي ضجيج يذكر…
رمزية وخلفيات النصص السردية:
حرصت مبدعتنا على بعث مجموعة من الرسائل الإنسانية من خلال نصوصها الابداعية، وهي تجمع بين الرسائل الإنسانية والاجتماعية والسياسية.
من هنا… يتبين لنا أن المبدع لا يمكن أن يكون دائما بريئا، فهو يحمل حمولات كثيرة بين دفتيه، يحاول جاهدا بعثها لعموم الناس من خلال سردياته، وغالبا ما تحمل الطابع الإيجابي…
ما لاحظته وبشكل جلي أن مبدعتنا ومن خلال حواراتها وعملية تسيير شخصياتها، تسعى إلى خلق نوع من الصراعات المعتادة، صراعات بين الخير والشر، بين الأمل واليأس، علاوة على الصراعات الحضارية والأخلاقية… لكن غالبا ما تنتصر للخير وتحتفي بقيم التضامن والتعايش والمحبة بين الأفراد والجماعات.
الاحتفاء بشعارات السلم والسلام، التعايش والتضامن في النصوص السردية لمبدعتنا:
كثيرة هي المواطن التي تحتفي بشعارات القيم الإنسانية من سلم وسلام وتعايش بين الأديان والناس أفرادا وجماعات، ولعل هذه القيم جزء من معتقدات مبدعتنا، تؤمن بها وتحاول الإعراب عنها من خلال الشخصيات.
“أمستردام” رمز لتعدد الثقافات وتعايش مختلف الأقليات، إثنية، فكرية أو إيديولوجية، ولعل كثرة الزواج المختلط دليل آخر على هذا التعايش الكوني، تقول الأستاذة لطيفة تقني في مقدمة الكتاب: “رغم اختلاف الأجناس والأديان والأفكار، فأغلبية سكان هذه المدينة متزوجون بأجانب أو أجنبيات ويمارسون حياتهم بشكل طبيعي وجميل” ص 5.
ولقد ناصرت مبدعتنا نجاة تقني القيم الإنسانية في كثير من المواقع على لسان إيڤا، حين سألها آدم عن جنسيتها، أجابته قائلة:
“كلنا أولاد آدم وحواء.. والجنسيات اختراع إنسان يود التفريق بين البشر..” ص 20.
كما يظهر هذا التلاقح الحضاري من خلال أسرة ياسمين: أم تركية وأب هولندي وابنة تجمع بين الاثنين…
ومع ذلك فالصدام الحضاري متواجد في نصوص مبدعتنا في بعض المشاهد المؤثرة، ويتجلى في مقتل أم ياسمين التركية وأبيها الهولندي في فرنسا، هذا الحادث جعلنا نطرح أكثر من علامة استفهام على مفهوم التعايش الايجابي بين الأقليات:
هل فعلا هناك تعايش بين مختلف أصناف المجتمعات الأوروبية أم هناك تصادمات عقدية وفكرية وإثنية، تظهر وتختفي بين الفينة والأخرى، كمؤشر لتصادمات وصراعات خفية…
الخيانة الزوجية:
لعل الموضوع الرئيسي الذي تدور حوله الحكاية، هي ظاهرة الخيانة الزوجية، في مقابل الوفاء والإخلاص للأزواج، ثنائية بسطت سلطتها بقوة على جل المشاهد والمقاطع والحوارات، التي يزخر بها هذا النص السردي، ومما يثير الدهشة أن الخيانة الزوجية، مثلت نسبة جد عالية بين المتعاقدين بطريقة شرعية، وهذا البوح العفوي الآتي دلالة على صدق ما ذهبنا إليه من أقوال:
– مصطفى: أنا خنت أمينة منذ عــشــر ســـنـيـــــن… رغم أنه أعلن ندمه فيما بعد.
– باسم غدر بآدم واستحوذ على إيڤا، وحين أعلن مصطفى عن توبته واعتبر نفسه أنه كان مغفلا حين خان زوجته أمينة، أجابه باسم:
– لم تكن مغفلا… ربما وجدت في المرأة الأخرى ما لم تجده في أمينة.”
– عمر: كان زير نساء: “الفتيات يعلمن أنه زير نساء، ومع ذلك يقبلن بعلاقة وهمية”. تساؤل مصطفى حول عمر: “أتساءل كيف تطيق زوجته تحمل مشاغباته ومغامراته؟!”.
– آدم: هو أيضا دخل في مغامرة غير محسوبة العواقب، تاه كالأعمى، في قصة حب، تشوبها الكثير من الشوائب، امرأة متزوجة وهو متزوج، ومع ذلك استمر في مغامرته مع إيڤا، رغم أن زوجته ياسمين تكن له كل الحب والود والاحترام، ولم تمر لحظة واحدة دون أن تناديه “حبيبي”، لكن هو كان يتقمص شخصيتين: شخصية الحمل الوديع والمؤدب، وشخصية الغدار الخائن…
تارة يحاول إرضاء زوجته ياسمين، من خلال مساعدته إياها، لأنه يحس في دواخله أنه يرد لها دينا قديما (هي من ساعدته الحصول على إقامته الشرعية من خلال الزواج بها)، وتارة أخرى يبحث عن مبررات واهية، ليغرق في قصة حب مشبوهة… لكن النهاية كانت صادمة.. ولولا الألطاف الإلهية لضاعت ياسمين، الزوجة الطيبة والمثالية والأمينة… ولادة الطفلة… كان بداية الانعتاق من قيود العاطفة الجياشة… ولادة جديدة لأسرة آدم وياسمين… وبالتالي انتصرت الشرعية على الفوضى وانتصرت القيم على الغدر والخيانة…
الخلاصة:
خلاصة القول، انتصرت ساردتنا للغة العربية اللغة الأم وانجذبت لأصولها وتقاليدها من جهة ومن الجهة الأخرى، عبرت عن واقعها بكثير من الحنان والرومانسية، فهي مع ذلك لم تنس وطنها ولم تتنكر للبلد الذي منحها الحب والأمن والطمأنينة.. صدقت عليها القولة القائلة: جذورها في إفريقيا وأغصانها في أوروبا…
كما لامست واقعا غريبا بكثير من الدفء الشرقي، حيث تمازجت وتلاقحت الحضارات (الشرق مع الغرب)، بكثير من التفاعل الإيجابي، وأغلب الصراعات الدائرة في هذا العمل السردي، انتهت نهاية سعيدة، ووافقت الشرعية الأخلاقية، التي تؤمن بها مبدعتنا، وبذلك استطاعت القاصة نجاة تقني من خلال قصتها بعث رسائل إنسانية كبرى، شعارها المحبة والسلم والتعايش بين جميع فئات المجتمع…






-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------




بانتشاء كبير تلقيت دعوة لإجراء مقابلة حوارية مع مجلة مملكة رائع الشعر الإدبيه المصرية ...تكريما لقصيدتي...حمامة السلام...الف شكر لمعدة البرنامج الأستاذ سعاد الشقوري وراعي المحلة الأستاذ منصور رسلان...إليكم الحوار...
...................................................................................
السؤال الأول :

هو أديب و شاعر كبير ..جمع بين الشمائل ..حرف بهي لحضور شجي إنه الهامة الأدبية اللامعة في سماء مملكتنا ..الأديب والشاعر : 
    👑 الأستاذ محمد مهداوي 👑
تعالوا لنتعرف على ضيفنا بلسان حاله ..لو تفضلتم شاعرنا بإعطائنا نبذة عن شخصكم ،وألف الف مرحبا. 🌻🌼🌻

اطلالة :محمد مهداوي

بادي ذي بدء،أوجه تشكراتي الخالصة لمملكتنا المصونة،وحراسها الأوفياء،وأميرها الأستاذ منصور رسلان...ولمحاورتي الجميلة ابنة الأطلس الشامخ الأستاذة سعاد الشقوري وكافة مسيري المجلة دون استثناء...خالص محبتي وتقديري...وألف مرحب بضيوفنا الكرام...

الجواب الأول
نبذة عن حياة المبدع:

محمد مهداوي أستاذ اللغة العربية ،حاصل على شهادة الإجازة بجامعة محمد الأول بوجدة ،شعبة اللغة العربية وآدابها مزداد بمدينة أبركان 1962،سبق أن تم بعثي لإيطاليا من طرف الدولة المغربية لتدريس اللغة العربية والثقافة المغربية لأبناء الجالية المغربية المقيمة بإيطاليا.
 لي منشورات عدة في مجلات وجرائد وطنية وعربية ،سواء ورقية أو الكترونية ،حصلت على مجموعة من الجوائز التقديرية المتميزة في عدة مسابقات أدبية، ترأست وسيرت عدة مجلات الكترونية : مجلة الزجل المغربي الأصيل (رئيس المجلة سابقا) ولا زلت مشرفا عاما لمجلة (نادي شعراء العرب والزجل المغربي ) ، وأحد مسيري صفحة بني يزناسن ،وفاعل جمعوي في كثير من الجمعيات الأدبية والتربوية والرياضية...
طبعنا أكثر من 13 ديوانا ورقيا ،تشرفت بقراءات نقدية لها جميعا....وشاركت كمبدع في بعضها....

طبعت ديوانين زجليين الأول :لباردي والفردي والثاني:خليوني نحلم ، ولي إصدار قصصي يحمل العنوان التالي...حين يبكي القمر... ومقبل على طبع ديوان شعري بالفصحى، علاوة على مجموعة قصصية ثانية ...منابر من نور...ستطبع قريبا جدا،دون أن أنسى مجموعتي القصصية الخاصة بالأطفال...المبدع الصغير....وهي من إبداع الأطفال الصغار... ولي مشاريع أدبية أخرى سأعلن عنها في الوقت المناسب...

السؤال الثاني :

خلف السطور نلمس إشارة شاعرنا الاستاذ محمد مهداوي إلى مظاهر الفساد وفضح الجرائم وإيقاظ الضمائر العربية. لماذا اختار الشاعر الرمز للحديث عن ذلك ولم يفضح هذه الممارسات مباشرة. ؟

الجواب الثاني :سؤال جميل أستاذتي المحترمة سعاد الشقوري ...
فعلا ،قصيدتي هاته والتي تم توثيقها في كثير من المجلات الالكترونية، تحمل رسالة راقية، نابعة من قلب يعشق بلده ويحب أن يكون الوطن العربي موحدا ومتضامنا،يسوده الرخاء والوئام والسلام...
لكن مع الأسف لاحظت أن الربيع العربي أصبح خريفا،حيث الدمار حل ببلداننا وضاعت كثير من مبادئنا، لذا حاولت فضح بعض الممارسات المشينة والتي تدعي النضال والاخلاص في قالب أدبي محض ،يعتمد على الإيحاء والتأويل وبعض الإزاحات اللغوية والدلالية،ليقيني التام بأنها ستكون أكثر تعبيرا من لغة الخشب المباشرة..التي نجدها غالبا في التقارير الصحفية والسياسية، أما نحن فلغتنا ليست توثيقية للأحداث وإنما تلامس المواضيع بصيغة الجمال الأدبي، وتستقي حمولاتها ومرجعياتها من الرمزية الدالة،حتى نؤثر في أكبر عدد ممكن من دعاة السلم والسلام في هذا الكون الفسيح.... 

السؤال الثالث :

هناك حزن يكابده شاعرنا يظهر من خلال مخاطبته لحمامة السلام. لماذا مخاطبة الحمامة بذل مخاطبة الانسان. ؟

الجواب الثالث:

كان الشعراء القدامى يخاطبون رحائلهم من نوق وضباء ودمن وأطلال كامرئ القيس وطرفة بن العبد وعنترة العبسي وعلقمة والنابغة الذبياني و زهير بن أبي سلمى...وهلم جرا...
لكن البعض منهم التجأ إلى مخاطبة الحمائم لأنها رمز الحب...رمز السلم والسلام...بياضها الناصع يوحي بالطمأنينة والهدوء ...كما قد يعبر هديلها عن الحزن العميق ،ولعل قصيدة أبا العلاء المعري خير دليل على ذلك:   
أبَكَت تلكم الحمامة أم غـ نّت 
                           على فِرْعِ غُصنٍها الميّاد

نعم هناك حزن عميق وقاتل يلف رقبتي ويشعل نيران الغضب في فؤادي،حين أرى الخريطة العربية ممزقة إربا إربا،والعلاقات البينية تكاد تكون مفقودة...فكيف يحلو لي المقام ،وكيف يستقيم لي المقال وأنا على فوهة بركان؟...من لم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم...صدق رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم...
مخاطبتي للحمائم بدل الإنسان يدل على شيئين مهمين :
الأول: مخاطبة الحمائم باعتباره تقليدا أدبيا.
الثاني: دلالة الحمام على السلم والسلام والحب والطمأنينة... 
كما أن الحمائم بهديلها تشارك الشاعر همومه وهي أشد وفاء و إخلاصا من بني الانسان.. حقيقة الانسان لم يعد كماكان،محافظا للعهود،أمينا للأسرار...همه المادة والمصالح لا غير...ضاعت كثير من المبادئ وسط هذا الزخم من الآلات ...
لذا فضلت الحمائم كرمز لا زال يمثل صفات الطهر والجمال والحرية ...

السؤال الرابع :

مهما كان يبقى الإنسان حرا في تفكيره، لكن الفكر السجين في ذهن صاحبه لاقيمة له، ومهمة الأديب هي التعبير بوضوح وجلاء تامين عن ذلك. كيف تعامل الأستاذ محمد مهداوي مع هذه الفكرة من خلال النص. ؟

الجواب الرابع:

صحيح أستاذة سعاد شقوري...
تقييد الفكر هو قتل صريح له...ولعل هامش الحرية في الوطن العربي لا زال ضيقا، وأنتم تعرفون أن شعراء قتلوا من أجل قصيدة...
كثير من السيوف والمقصلات تنتظر الأقلام الجريئة،والتي تعبر بشكل مباشر ومقصود ...لذا أحبذ التعبير بلغة ابن المقفع ،من خلال لسان الحيوانات أو الطيور ،أو استعمال لغة الازاحة والتأويل والتعمية وضرب الأمثال...فهي أشد إيلاما من لغة الجرائد و السياسة...
ويبقى هذا الرأي صائبا في عمقه،خاصة لدى الشعراء الذين يحملون القيم الانسانية في جعبتهم وليسوا شعراء عضويين أو منتمين لإيديولوجية معينة...
التعبير بجلاء ووضوح تام على فكرة ما أو موقف ما يوقع الأدب في لغة التوثيق والايديولوجية...الأدب إحساس ،تعابير فنية، صور شعرية ومحسنات بلاغية...
القصيدة التي تحمل دلالة واحدة تعتبر ميتة فالتي لا تموت أبدا هي التي تكون كلوحة الجوكندا ،من أي زاوية تشاهدها تحس بأنها تبتسم لك...
المغزى: يجب أن يحس القارئ أن القصيدة تخصه هو وحده دون سواه...حين نصل إلى هذا المستوى من الابداع،نقر أننا نجحنا في كسب الرهان....

السؤال الخامس :
يلعب الشاعر بالنسبة للمجتمع دور الصحفي، يؤرخ للأحداث، ينشرها، يعطي البديل........
إلى أي حد يمكن أن يعتبر الشاعر محمد مهداوي هذا صحيحا؟ وهل يعتبر القيم الإنسانية ركيزة أساسية من ركائز الشعر الوطني.؟

الجواب الخامس:
سؤال راااائع...
صحيح الشاعر ابن بيئته،يعبر عما يجول في خاطره ويعكس واقعه بالمصداقية اللازمة،أعتقد أن قصائد الغراميات قد ولت...لأن العدو تكالب علينا كما تتكالب الكلاب على قصعتها...،ونحن لا زلنا نشاهد قناة روتانا ونرقص في الملاهي الليلية ونشاهد أنهار الدماءعلى التلفاز ببرودة دم...
حق علينا كشعراء أن نعبر عن هذه الحقبة الدقيقة من تاريخنا بشيء من النضال والمقاومة والمصداقية...وإلا سيصبح تلكؤنا تواطؤا غير معلن...
  أما القيم فهي أهم شيء أدافع عنه،لقد سخرت قلمي من خلال دواويني للدفاع عن الظلم والحگرة والفساد الأخلاقي والسياسي و التسيب الاداري...أصارحكم أن مجموعتي القصصية الواقعية عن حقول العار...حين يبكي القمر...هي أيضا تعبر عن مدى استغلال الانسان لأخيه الانسان،بوحشية ودموية تامة...
   أعتقد أن من لم يدافع عن القيم النبيلة والمشاعر الانسانية العظمى ،فليكسر قلمه أو ليرمه في الترعة كما يقول إخواننا المصريون...

السؤال السادس :
يتميز النص بتلقائية في التعبير، وابتعاد عن التكلف، ودقة في التصوير، هل يمكن اعتبارها ركائز للتعبير عند أديبنا؟ وكيف يوظفها؟

الجواب السادس:

صحيح أستاذة سعاد...كل من يقرأ لي ويتابعني على صفحاتي البيضاء والزرقاء،يشاطركم الرأي...كتاباتي جزء من كياني،وقلمي مرآة مكتملة وغير مكسورة،تعبر بصدق عما يجول في خاطري،كتاباتي غير مشفرة،رغم تميز بعضها بالإيحاءات المعبرة والدالة،والتي تنآى عن الرمزية الموغلة،التي تجعل القارئ ينفر منها...
القراء الحاليون،ليس لهم الوقت الكافي لمتابعتك وأنت تسرد معلقة طويلة،مملوءة بالرموز ...كل ما يحتاجه القارئ قصائد رصينة ومكثفة،تحمل من الصور الشعرية ما يكفي...فإن أعطاك القارئ بظهره ،صعب أن تسترجعه...
إن تلقائيتي في التعبير اكتسبتها من خلال قراءاتي لبطوليات محمود درويش ولا فتات أحمد مطر ووجدانيات نازك الملائكة ووطنيات أحد شوقي...حيث الكتابة عندهم لوحات فنيةجميلة وغير مشفرة،لا تحتاج إلى برنامج فك عمليات التشفير....الوضوح والبساطة والإنسيابية والتلقائية والعمق التعبيري هي من خصائص إبداعاتي،لذا فأنا لا أحس بتواجد أي حواجز بيني وبين قرائي،القصيدة إن لم يجد القارئ فيها ذاته فهي فاشلة.
طبعا،هناك مدارس مختلفة في الكتابة،وأنا اخترت مدرسة الشعب،حيث التلاقح يكون أكبر والقلم يكون أكثر ارتياحا وانسيابية .
..قصائدي يغلب عليها الطبع ...لا التطبع...لا أصطنعها ولا أمارس عليها ضغطا ،ولا أمتهن حرفة الكاتب الصانع أو الشاعر الحرفي ،الذي يبحث عن مفرداته في قواميس العرب الصفراء...إبداعاتي تلقائية ...وغالبا ما تنساب انسياب الشلالات في معظم الفصول،نظرا لتوفر العوامل الانسيابية و الدوافع النفسية..

السؤال السابع :

يعتمد النص على الرمزية ،وعلى التصوير البلاغي. مادورها في النص ؟ وكيف يمكن أن يفسر شاعرنا هذه العلاقة بين نصه النثري وبين الشعر الكلاسيكي الذي يعتمد هو أيضا على المحسنات والصور البلاغية. ؟

الشعر الكلاسيكي يعتمد على بنية خاصة،على رأسها التفعيلة، ويتميز باستعمال الصور الشعرية والمحسنات البلاغية،ولا يمكن لنا نكران هذه الأصول،لأنه هو الأصل و المنبع الصافي،ولقد كان له الفضل العظيم في صقل مواهبنا...لكن مع تطور الأيام،بدأ يفقد بعضا من بريقه،ربنا للحمولةالمعجمية العارمة ،التي يحملها بين دفتيه،فرغم أني من محبي القصيدة العمودية ومن ممارسيها،فالحداثة تتربص بها،لذا أفضل إجراء بعض الرتوشات التجميلية عليها،كالابتعاد عن الغريب من المفردات وربط مواضيعها بالواقع الانساني...
لن أكون محايدا للصواب إن قلت لكم بأن رفقائي من الشعراء ينتمون إلى العصر القديم كاالملك الضليل امرؤ القيس والحكيم زهير بن أبي سلمى والفارس المغوار عنترة بن شداد وهلم جرا...
لا أخفيكم سرا إذا قلت لكم بأن فضل الشعر القديم كان عظيما على تكويني،خاصة وأني كنت من عشاقه في الحرم الجامعي...

السؤال الثامن :

يتغنى الشاعر بالوطن من حيث جماله وجلاله، ويأسى له، ويمجد أبطاله، ويفضح أعداءه........ ويتجاوز الشاعر الترابط المكاني إلى الترابط الروحي والوجداني، حتى أن القارئ يظن القصيدة غزلية عاطفية. هل تتفق شاعرنا الاستاذ محمد مهداوي أو تختلف مع هذا القول.؟

الجواب الثامن:

صحيح أستاذة سعاد...لقد تعمدت هذا الاختيار،وهو ربط الوطن بالجانب الوجداني،لأكسب تعاطفا مع قضيتي القومية،وهي سحب اللثام عن إرهابيي الانسانية وقتلة البراءة...ولم يكن اختياري للحمامة جزافا أو عن عشوائية...بل اختيار مقصود،فالحمائم ،تمثل الحب..السلم..السلام...
 الطمأنينة...الهدنة...الناس جميعا يحبونها ويقدرون قيمتها ورمزيتها الدالة على الحرية والانعتاق...لقد كانت المنقذ لرسولنا الكريم وهو في الغار...كما تم تسخيرها رسولا بين الأحبة فيما مضى...قتلها يرمز إلى فساد الأخلاق و ضياع القيم وتدمير المبادئ والمثل...
الحمامة مجرد حامل أو مشجب،سخرتها لإجراء حوار،أمرر من خلاله مجموعة من المبادئ والقيم الجميلة،الدالة على الخير والسلم...ولم أكن أول من فعل ذلك وإنما استفدت من شعرائنا القدامى وعلى رأسهم فيلسوف الأدباء أبا العلاء المعري...وقتل الحمائم يعني قتل للإنسانية ووأد للضمائر...

السؤال التاسع :

بالنسبة للقصيدة النثرية لاأحد يستطيع أن يقول هذا الحرف أجمل من ذاك، إنما هناك قصيدة تولد من رحم المعاناة وعواطف وأشجان تعصف بالحال فتأتي كالفاكهة وألذها ماكانت صادقة مغروسة في القلب وتسقى بالدم والدموع. بماذا يمكن أن يفيدنا شاعرنا بالنسبة لهذا القول. ؟

الجواب التاسع:

صحيح أستاذة سعاد الشقوري ...
القصيدة الجميلة هي التي تولد من رحم المعاناة،قال الحسن البصري رحمه الله:"ما يخرج من القلب يصل القلب وما يخرج من اللسان لا يتجاوز الآذان"،لاحظي معي أ أغلب القصائد التي كتبت بماء الذهب هي القصائد الوجدانية أو الوطنية أو الانسانية،والتي عبرت عن هموم الشعوب ....آمالها ...طموحاتها ولحظات انعتاقها...وخير دليل قصيدة أبا القاسم الشابي: 

إذا الـشعبُ يـوماً أرادَ الحياةَ
                 فـلا بدَّ أن يستجيبَ القدرْ
ولابــدَّ لـلّيلِ أن يـنجلي
                   ولا بـدَّ لـلقيدِ أن يـنكسرْ
ومَـن لـم يعانقهُ شوقُ الحياة
                 تـبخّرَ فـي جـوِّها وانـدثر

مثل هذه القصائد لا تموت أبدا،لأنها مرتبطة بالمعاناة...مرتبطة بالانعتاق والحرية...
ولعل خاصية الصدق في التعبير هي ركيزة أساسية في الإبداع،رغم ما للمحسنات الجمالية من دور مهم في نسج الحروف...ولا أعني هنا بالصدق الكلمة المضادة للكذب وإنما أقصد تلك التجارب الشعورية التي يعبر عنها الشاعر بذوق فني وأدبي وتخييلي،تلك الصور التي ينتقيها المبدع من محيطه ويحولها إلى لوحات فنية جميلة،تلهب الحواس وتأسر القلوب...

السؤال الاخير : 

مملكة تألقت و ارتقت ...بفضل أقلام عاهدت على الوفاء ....مارأيكم شاعرنا المتألق في 👑مملكة روائع الشعر الأدبية 👑لو سمحت ؟؟؟

الجواب الأخير:

مملكة روائع الشعر الأدبية مجلة متجددة ،استطاعت أن تجعل لها اسما ضمن المجلات الالكترونية العربية،بفضل مهنيتها وكادرها المتميز...كلما أبتعد عنها يزيد شوقي إليها، لأن لي أخوات وإخوة يسكننون المملكة، يحرسون قلاعها ويدافعون عن أسوارها بالغالي والنفيس...وأخص بالذكر صديقي وقرة عيني الأستاذ الجميل منصور رسلان حفظه الله...ولن ننكر المجهودات الجبارة التي يقوم بها مجموعة من حراس المملكة الأوفياء كالأستاذة المتألقة سعاد الشقوري و لطيفة الناجي و محمد عبد الجواد ادريس،توتة واية،شمس،مليكة بوبراهيمي،مصطفى نجي وردي،...وهلم جرا...
دامت المملكة في سلام ودام عزهاو سموها....

رسالة شكر:

في ختام هذا الحوار الشيق،لا يسعني إلا أن أشكركم جزيل الشكر أستاذة سعاد،لقد قضيت معكم أجمل الأوقات وأروعها،لقد كنتم عند حسن ظن الجميع بتدخلاتكم الجميلة وتساؤلاتكم القيمة...
كما أبلغ تحياتي الخالصة لكافة كادر المملكة دون استثناء،وعلى رأسهم صديقي الكبير ذو القلب الكوني الأستاذ منصور رسلان...
حفظكم الله جميعا..سدد الله خطاكم وحقق مسعاكم وبارك ممشاكم ...

......إليكم القصيدة المكرمة........حمامة السلام ............     

رفقا بمشاعري  
رفقا بإنسانيتي...                                  
يا حمامتي البيضاءْ
أين هديلك...؟
فقد كان لي نعم الدواءْ
حين يدثرني الحزنُ
ويأسرني اليأسُ
تزورين شرفتي
وتسألين عن أحوالي
وتباركين أعيادي                           
وتتمنين لي الهناءْ
حين أعجز عن النهوض
تقدمين لي كأس ماءْ
فمرحى مرحى بك
في داري،أيتها الأصيلةُ
فالعيش دونك مجرد هراءْ                      
لقد كنت خريطتي
في الوطن العربي                                      
تخبرينني عن قصص عنترة
وسيف ذي يزن....
وما فعل ببلادنا الغرباءْ
فهلا حكيت لي ما بفلسطين
من قتل وتنكيل وبلاءْ !!!
فأنا اليوم جريح وجرحي
عميق....عميقُُ....عميقُُ...
لأن بني جلدتي خانوا العهد
واقتسموا الغنيمة...
واقتنصوا حمامتي 
برصاص الغدرِ....  
دون رأفةِِ...    
لأنها رفضتِ الإنحناءْ...    

                          محمد مهداوي






: للدخول إلى القناة في الفيديو الرجو الضغط على الصورة التالية 






ليست هناك تعليقات