أخبار الموقع

المقامة البركانية 4

 


............ اللقلاق المهاجر....... 

قرر سالم وسويلم القيام بفسحة إلى باحة اللقلاق التاريخية، قطعوا مئات الأمتار مشيا،مسترجعين الكثير من الذكريات المركونة في الدرج الخلفي للذاكرة الجمعية،حين كان اللقلاق في الأعالي ، يتمتع بالأهازيج الزناسنية ، نغمات الصف دواء للبصر وحكايات الحلايقية متعة للنظر، سلع مترامية تحت فيء الشجر، علاقات إنسانية تشي بجمال الروح، وتاريخ كله جسور وصروح.

   توسط سالم وسويلم باحة سيد الفضاء، فاستقبلهم اللقلاق بنغمة الولاء، اقترب من سالم وكلمه بكل إباء:
-ياسالم ! سمعت أنك تريد السفر إلى بلاد الأنوار، أتريد عصيان الأقدار؟!
-لا سيدي اللقلاق …ما أنا إلا رجل مشتاق…أحبذ السفر بحثا عن حلال الأرزاق …

رفرف اللقلاق بجناحيه حول رأس سالم، وكرر نعيقه بشكل 
دائم، فمسخه لقلاقا أبيض و أسود قاتم، فطار صاحبنا يبتغي النسائم ، كابن فرناس ،صاحب العزم والعزائم...

   لما رأى سويلم صاحبه لم يعد إنسانا، فر مسرعا يتجرع الهوانا، والحيرة أصبحت له عنوانا، ندب حظه كمدا لفقد سالم، وأحس بزلزال قادم، وبكى بكاء المذنب النادم. 
   فجأة أتاه اللقلاق الإنسان، في حلة بدر الزمان، وأخبره بما وراء البحار، من لآلئ ومحار، ومن جمال وأنوار، واسر له أنه لن يغير فصيلته أبدا، ما دام قد اكتشف تحفة النظار في غراىب الأمصار وعجائب الأسفار…

غار سويلم من هذا الكلام المتين، وتمنى لو مسخ لقلاقا في الحين، ما دامت ا"لفيزا " معضلة والسفر مشكلة، فالخوف كل الخوف أن يتحول كل ابن فرناس طائرا ويغادر أرضه مسافرا، وتصبح كل باحة لقلاق جرحا غائرا…

                         
  بقلم محمد مهداوي



ليست هناك تعليقات