أخبار الموقع

المقامة البركانية 3

 


...............آخر نصب للنصر...........


      آخر نصب للنصر في مدينتي يتعرض للدمار، ولم يعد لنا أي رمز يوحي بالانتصار، كما هو الشأن لرمز الحرية ،الذي تربع على عرش أمريكا ليل نهار، طُرد من باحته الحمام ولم يعد المكان رمزا للسلام، زَحفت ثعابين الإسمنت على أغصان الزيتون، وتعددت أنواع الحصون ، وأصبح موقع النصب مكانا للمجون، وبدل تشييد جسور المحبة، تم بناء عشرات السجون .

 

        مرت بقربي حمامة تائهة فسألتها عن نصب الحرية، عن المظاهرات و الوقفات الاحتجاجية ، عن زعماء الخبز ورجال المقاومة المنسية، دنت مني ، رفرفت بجناحيها حول رقبتي، فقالت : صه يا أبتِ!!! الحرية مجرد كذبة أرستقراطية، فتاة حسناء يعشقها الجميع، وحين تقترب منها تلسعك كعقرب البرية، لا تثق في نصب مغلف بشتى أشكال الهمجية، ولا تعتقد أنك حر وتحتاج لنصب الحرية، كل نصب العالم مجرد رموز توحي بالديموقراطية، غلافها يبهر العيون ولُبُّها يبعث فينا الشجون….


     أفحمتني الحمامة بكلامها وحكمتها ورزانتها، أعدتُ النظر إلى مكان نصب النصر الحزين ، فرأيت أناسا فوق الأرض شبه نائمين، يعرضون عضلاتهم لأشباه المعمَّرين ، بأثمان بخسة لا تفي عرق الجبين...

        بحثتُ عن نصب النصر بين الرجال، فلم تظهر لي إلا قمم الجبال، فاخترت نصب حريتي جبل فوغال، لأنه أصيل،حتما، لن يخدعني أبدا ولن يبيعني الوهم والمحال…


                            بقلم محمد مهداوي


لتحميل إبداعاتي الادبية : 


مكتبة نور 

ليست هناك تعليقات